وزير الخارجية الكوبي يجتمع بسعادة السفير

في بداية اللقاء نقل سعادة السفير تحيات سعادة الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني الى سعادة وزير الخارجية الكوبي، برونو رودريغيز،  حيث أشار الوزير الكوبي الى زيارته الأخيرة الى الدوحة، التي قال انها كانت ايجابية ومثمرة، وأشاد بسياسة دولة قطر وجهودها لتعزيز العلاقات الثنائية، التي تمر بمرحلة مميزة. كما تقدم الوزير بشكره وامتنانه على مشاركة سمو الأمير الوالد في مراسم دفن صديقه الزعيم الراحل فيدل كاسترو، والكلمة التي ألقاها بهذه المناسبة.

ثم قدم سعادة السفير شرح عن خلفية الأزمة الخليجية، التي أشار الى أنها بدأت في مايو 2017، بقرصنة موقع وكالة الأنباء القطرية حيث تم اختراقها ونشر تصريحات كاذبة نسبت إلى أمير البلاد المفدى. وقد نفت دولة قطر تلك المزاعم الملفقة، وعلى الرغم من ذلك، فقد اصرت وسائل الإعلام السعودية والإماراتية على نشر وتناول تلك التصريحات المنسوبة للأمير على نطاق واسع في مختلف وسائل إعلام دول الحصار (المملكة العربية السعودية، دولة الأمارات العربية المتحدة، مملكة البحرين، بالإضافة الى جمهورية مصر العربية).

وذكر ان دولة قطر حاولت مراراً توضيح ذلك، الا انهم رفضوا التواصل معها والاستماع الى توضيحاتها، وأتضح أن الأمر مقصود منه زعزعة الثقة في دولة قطر وقيادتها ونزع الشرعية عنها، اذ تفاجأ القطريون في صبيحة 5 يونيو بقرار الدول الخليجية (المملكة العربية السعودية، دولة الأمارات العربية المتحدة، ومملكة البحرين)، بالإضافة الى جمهورية مصر العربية، قطع علاقاتها الدبلوماسية معهم، رغم انه قبل بضعة اسابيع شهدت الرياض اجتماعات ثلاثية: القمة الخليجية، الاجتماع مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والقمة الاسلامية. وقال ان هذه الاجتماعات جرت بشكل طبيعي وودي، ولم تظهر هذه الدول اية اشارات تدل على احتمال حدوث هذه الأزمة. كما قررت دول الحصار إغلاق كافة المنافذ البرية والبحرية والجوية، ومنع العبور في الأراضي والأجواء والمياه الإقليمية لها، كما بدأت بإجراءات فورية لممارسة الضغط على الدول الشقيقة والصديقة والشركات الدولية، لتطبيق ذات الإجراء بأسرع وقت لمنع التواصل مع دولة قطر، وان بعض الدول استجابت لذلك.

لم تصرح الدول التي قاطعت على المستوى الدولي الأسباب والدوافع وراء الحملة وظلت في مساحة الاتهامات العامّة، ومن أهم هذه الاتهامات دعم دولة قطر لجماعات متطرفة عدة من بينها جماعة الإخوان المسلمين والتي تعتبر تنظيم إرهابي في هذه الدول، وأيضا تنظيم  القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، علاوة على علاقتها الوثيقة بايران، حيث أوضح السفير ان الدوحة كانت خفضت في عام 2014 تمثيلها الدبلوماسي بطهران، على اثر أحداث الهجوم على السفارة السعودية بها. وأضاف ان هذه الدول تطالب دولة قطر بقطع علاقاتها مع ايران، رغم ان لديهم علاقات معها، وقال ان قطر تربطها مع ايران علاقات حسن الجوار ومصالح اقتصادية مشتركة.

وذكر سعادة السفير ان الدولة أعربت عن أسفها للقرار، وصرحت وزارة الخارجية القطرية بأن الاتهامات مجرد أسباب مختلقة بدون مبررات شرعية، والهدف منها فرض وصاية على سيادة دولة قطر، وأن هذه الإجراءات غير المبررة لا صحة لها. وقالت وزارة الخارجية في بيان نشرته فورا عقب نشوب الأزمة بأن دولة قطر تعرضت لحملة تحريض تقوم على افتراءات، ما يدل على نوايا مبيته للإضرار بالدولة. وأن قطر عضو فاعل في مجلس التعاون الخليجي وملتزمة بميثاقه وتحترم سيادة الدول الأخرى ولا تتدخل في شؤونها الداخلية كما تقوم بواجباتها في محاربة الارهاب والتطرف.

وأوضح سعادة السفير ان الأسباب الدقيقة للأزمة الدبلوماسية غير واضحة، الا انه للأسف قادت هذه القرارات التعسفية الى انتهاك واضح لحقوق الانسان، ولم تراعي هذه الدول الحالات الانسانية، فالأزمة القت بثقلها على الجوانب الانسانية، اذ أن الاسرة الخليجية متداخلة بين هذه الدول، وقد أدت هذه القرارات المتشددة الى حرمان الأسر من التواصل، وأثرت على وضع الطلاب، والمواطنين الذين يعملون في الدول الخليجية الأخرى.

وقال أن الأمر وصل الى درجة تحذير هذه الدول مواطنيها من التعاطف مع قطر أو انتقاد الإجراءات التي اتخذتها السلطات واعتبرت التعاطف معها جريمة قد تصل عقوبتها إلى الغرامة المالية أو حتي السجن لمدة تتفاوت ما بين خمس الى عشرة سنوات.

وتطرق سعادة السفير الى المطالب ال 13 التي تقدمت بها الدول الأربعة الى قطر، ثم تنازلت عنها لتصبح مبادئ ستة، بحجة أن قطر تدعم وتمول الارهاب، وشدّد على أن قطر حريصة جدا على مكافحة الارهاب في كافة أشكاله. وقال ان ادعاءاتهم غير حقيقية، وهنالك عدم ثبات في موقفهم من هذه المطالب، التي ذكر انها غير منطقية ولا يمكن قبولها، اذ انها تمس استقلال وسيادة الدولة.

كما أشار السفير الى موقف الولايات المتحدة الأمريكية المتذبذب، حيث صرح الرئيس الأميركي دونالد ترامب عبر تغريداته في تويتر بأن قطر ممولة للإرهاب، وقال ان سياسة ترامب اتسمت بالتناقض، حيث جاءت تصريحاته الأولية هذه، على خلاف تصريحات وزيري خارجيته والدفاع الأمريكي (البنتاغون)، وانه قام بعدها بالتراجع عن ذلك. وبعد عدة اسابيع، اتَّصل هاتفياً بأمير قطر عارِضاً عليه الوساطة.

بعدها تحدث سعادة السفير عن الوساطة الكويتية والدور الذي يقوم به امير دولة الكويت، الشيخ صباح الأحمد الصباح في الوساطة، وقال ان الدول الأربعة تعمل على افشالها. ورغم ذلك، فان قطر تعمل على انجاح هذه الوساطة، وتواصل جهودها بالتنسيق مع دولة الكويت الشقيقة لكي تقبل الدول الأربعة على الجلوس للحوار لإيجاد حلول لهذه الأزمة.

وأشار سعادة السفير الى أن الدوحة ما زالت ملتزمة بحل الأزمة عبر الحوار والتفاوض، وان سمو الأمير (حفظه الله) أكد خلال زيارته الأخيرة الى دول آسيا، ان الجميع خاسرون من هذه الأزمة، وبالتالي نحن كإخوان، علينا ايجاد حلول سريعة لها.

وأضاف أن قطر تعول على دور المجتمع الدولي والدول الصديقة، لممارسة الضغوط على هذه الدول للكف عن هذه السياسات، وادانة التهديد باستخدام القوة لتغير أنظمة الحكم، وقال نحن نتطلع الى اعلان الدول عن رفضها للإجراءات التي اتخذت ضد قطر لعدم شرعيتها، وحث الدول الأربعة الى اتباع الحكمة والموافقة على الوساطة الكويتية والجلوس الى طاولة الحوار والدعوة الى رفع هذا الحصار الغير قانوني.

وفي هذا الصدد قام سعادة السفير بمقارنة ما تتعرض له الدولة بالحصار الذي عانت منه كوبا لسنين طويلة. وذكر له ان لكوبا تجربة تاريخية يحتذى بها، وان لديها سمعة حسنة في كافة دول العالم، وفي العالم العربي بشكل خاص في مجال المقاومة والصمود. وأوضح له ان دولة قطر لا تطالبهم بالانحياز لها، فدولة قطر تحترم آراء ومواقف كافة الدول، لكنها تدعوكم الى حث دول الحصار على التزام الحكمة والجلوس الى طاولة الحوار.

من جانبه شكر وزير الخارجية سعادة السيد/ برونو رودريغيز، سعادة السفير على طرحه لكافة التفاصيل المتعلقة بالأزمة. كما أكد على أن مواقف وسياسة كوبا الخارجية هي اتباع الحكمة والثبات في آن واحد. وقال انه خلال خطابه في اجتماعات الأمم المتحدة بنيويورك تحدث عن سياسة كوبا الرامية الى بث الأمن والسلام الدوليين، وادانة كافة سبل استخدام القوة، والدفاع عن حق تقرير المصير، وأن الحوار والتفاوض هو السبيل الوحيد لحل النزاعات، وقال ان كوبا تشجع كافة دول العالم للقيام بذلك وبتعزيز التعاون المشترك، وذكر ان كوبا تدافع عن المبدأ القاضي بأن تصبح  أمريكا اللاتينية وبلدان الكاريبي منطقة سلام، الذي تم تجسيده في وثيقة تقوم على احترام المواثيق الدولية وسيادة القانون، وتطبيقه بشكل جاد ومسؤول، وقال ان الوثيقة مختصرة جدا، حيث تحتوي على 8 فقرات فقط، من والسهل اتباعها والالتزام بها.

وشدّد على ان كوبا تتعامل بحذر في هذا النوع من النزاعات الذي تحدث بين الدول غير المنحازة والدول الشقيقية، فكوبا تمتنع بشكل قاطع عن القيام بأية سياسة لا تؤدي الى حل النزاعات، وتحترم دور المنظمات الاقليمية، وتعترض على كافة أنواع التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية. وذكر ان عدة دول في منطقة أمريكا اللاتينية طلبت من كوبا الوساطة في أزمة فنزويلا، الا ان دورها يقتصر على احترام السيادة واستقلال الدول، وحق تقرير المصير. وضرب مثالا كذلك لما حدث في كولومبيا، وان بلاده قامت فقط بالتوسط بعد مطالبة الاطراف المتنازعة بالجلوس على طاولة المفاوضات، ولم تنحاز الى اي من الطرفين.

وأشاد السيد/ رودريغيز بالعلاقات الثنائية القطرية الكوبية، وقال انها تاريخية وتستند على الاحترام المتبادل والتوافق في السياسة الخارجية، وأعرب عن أسفه لعدم تمكنه مقابلة الوفد القطري خلال مشاركتهم في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، واشاد بمشاركتهم الفعالة والخطاب الذي القاه سمو الأمير "حفظه الله"، كما أكد على الترحيب بزيارة كل من سعادة وزير الخارجية أو سعادة وزير الدولة للشئون الخارجية الى جمهورية كوبا.