قامت سفارة دولة قطر بكوبا بتنظيم فعالية بالتنسيق مع العهد الكوبي للصداقة بين الشعوب، القى فيها سعادة السفير السيد/ راشد ميرزا الملا محاضرة عن تاريخ وتطور العلاقات الثنائية القطرية-الكوبية.
بادر سعادة السفير حديثه عن خلفية العلاقات بين البلدين، التي بدأت في عام 1989، استناداً الى الصداقة الحميمة بين زعيمي البلدين آنذاك، حضرة صاحب السمو الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني - حفظه الله- والقائد الكوبي فيدل كاسترو روز. وقال انها تقوم على الروابط بين البلدين على أساس الرصيد الهام الذي سجل خلال حوالي 22 عاما من العلاقات المتصلة. وذكر ان هذه العلاقات استمرت بسبب حرص قائدي البلديْن، حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى - حفظه الله- وفخامة الرئيس راؤول كاسترو روز على الاستمرار فيها وبحماس ملحوظ، اذ تعبُر هذه العلاقات باستمرار محطات تقدم وتجدد وتسير قدماً بشكل جيد في مجالات متعددة منها الصحة والثقافة والتعليم ومجالات اقتصادية وسياسية واجتماعية، وتمر بمرحلة متميزة من عمرها تعتمد على تواصل سياسي سلس يتسم بالاحترام المتبادل، وعلى أرضية قانونية متينة، وان خير مؤشر لها اتفاقيات التعاون ال 13 التي تم توقيعها خلال السنين الماضية، و11 مشروع اتفاقية أخرى قيد الدراسة والتفاوض.
وأشار الى أن هنالك أولويات في اطار هذه العلاقات، حيث تعمل دولة قطر وجمهورية كوبا بجهد كبير لحفظ العلاقة السياسية الثنائية واستمرارية التنسيق بينهما في المحافل الدولية، وتقف الدولتان موقفا مشتركا في العديد من مسائل الأجندة الدولية، وأن حكومة وشعب كوبا يدركون الدور القطري الرائد في التعامل مع مختلف القضايا الشائكة إقليميًا ودوليًا، انسجاما مع الرؤية الثاقبة لحضرة صاحب السمو امير البلاد (حفظه الله) للضلوع في كافة القضايا الدولية والمشاركة في ايجاد الحلول الايجابية لها، انطلاقاً من مبدأ بث ثقافة السلام والحوار وإيجاد حلول سلمية وعادلة لمختلف هذه القضايا، وحرص دولتنا على دعم كل القضايا المتعلقة بحقوق الشعوب وحرياتها والدور الذي اختارته قيادتنا لكي تصبح دولة قطر نصير المظلومين والدول الضعيفة في شتى أرجاء العالم.
وأشار سعادته الى أنه قد كان لزيارة صاحب السمو أمير البلاد المفدى (حفظه الله) الى جمهورية كوبا أثر كبير لزيادة عمق العلاقات بين البلدين، فهي خير دليل على تجديد رغبة الطرفين في تعزيز العلاقة الجميلة التي بُنيت، حيث كان الحديث بين الزعيمين ثريا للغاية، وتعبير لدولة قطر عن استعدادها لمرافقة كوبا في هذه المرحلة الجديدة من تطوراتها. وقال انه من أبرز نتائج هذه الزيارة ما تم توقيعه خلال الزيارة من مذكرة تفاهم للاستثمار في جمهورية كوبا تتيح لدولة قطر الاستثمار بمبلغ 2 مليار دولار أمريكي (اثنين مليار) على مدى خمس سنوات، إضافة إلى اتفاقية بشأن إلغاء شرط منح التأشيرات لحاملي الجوازات الدبلوماسية والخاصة والخدمية في كلا البلدين، ومذكرة تفاهم بشأن الخدمات الجوية واتفاقية تعاون في مجال الرياضة.
وشدّد على أهمية التعاون الطبي بين البلدين، حيث قال انه القطاع الذي نال النجاح الأكبر حتى الآن حيث قدم العديد من الأطباء الكوبيين خدمات في الدولة منذ سنوات، ويتواجد حاليا في مدينة دخان طاقم منهم يتجاوز عددهم الأربعمئة طبيب وخبير عملوا ضمن المستشفى الكوبي هنا، وكما وصفته وسائل الإعلام الكوبية يوما إنه "أيقونة للتعاون" في المنطقة، فالكل يعلم ان كوبا من الدول الرائدة في تصدير الخدمات الصحية وذلك نظرًا لامتلاكها نظام طبي فريد من نوعه يقدم خدمات صحية متكاملة ويقوم على مفهوم الوقاية، وتعزيز نمط الحياة الصحي للأفراد، وقد انعكست نتائج هذا النظام على المؤشرات الديموغرافية لجمهورية كوبا والتي وضعتها في لائحة الدول المتطورة صحيًّا بالرغم من الموارد الضعيفة وتصنيفها اقتصاديًّا ضمن مجموعة الدول النامية.
وذكر ان وفداً من مؤسسة الرعاية الصحية الاولية بقطر قام بزيارة رسمية إلى جمهورية كوبا للاطلاع على التجربة الكوبية في الرعاية الأولية، واجتمعوا مع المسؤولين، وأجروا زيارات ميدانية إلى مراكز رعاية صحية أولية حيث تمّ الاطلاع على الخدمات المُقدّمة في المركز ودور أطباء الأسرة في النظام الصحي. كذلك زار الوفد مستشفى "خوان أميهيرس" العام وتمّ مناقشة العلاقة بين الرعاية الأولية والثانوية في التجربة الصحية. وقد اهتم اعضاء الوفد بالاطلاع على تجربة جمهورية كوبا في مجال الرعاية الصحية الأولية وكيفية الاستخدام الأمثل للموارد المُتاحة حيث يعتبر النموذج الكوبي مثالاً يُحتذَى به لتوفير خدمات متكاملة للأفراد من خلال ترسيخ نموذج طب الأسرة وتعزيز مفهوم الوقاية.
وواصل سعادة السفير حديثه عن وجود فرص ومجالات كثيرة أخرى لتنمية هذا التعاون والاستثمار القطري في الاقتصاد الكوبي وترقيته، لا سيما في المرحلة الجديدة التي تعيشها كوبا. وتظهر السياحة والاستثمار بشكل عام كقطاعات توفر إمكانيات لإقامة مشاريع مشتركة حيث عرض الجانب الكوبي على القطري قائمة بـ 16 مشروعا (فندقيا وزراعيا وصناعيا ونفطيا وفي مجال الطيران المدني) ولديهم الاهتمام بأن تستثمر قطر فيها.
وأشار الى الدور المهم الذي تلعبه البعثة في هذا الصدد، فهي بحكم متابعتها للساحة وحرصها على توفير ارضية استثمارية جيدة، تقوم بتسهيل وتعزيز الاتصالات بين الطرفين لمساعدة رجال الأعمال والشركات القطرية هنا. وقال انهم واعون لوجود حوافز تدفع باتجاه استقطاب كوبا للاستثمارات والجذب السياحي، منها أن كوبا تتمتع بأوضاع أمنية مستتبة. وذكر ان خير مثال على ذلك موافقة الجانب الكوبي لفتح مكتب تمثيلي لبنك قطر الوطني في هافانا.
وفي حديثه عن أهمية السياحة في الجزيرة، قال انها الصناعة التي تستقطب اليوم في كوبا أكثر من 4 مليون سائح سنويا، وتعد أحد أهم المصادر الرئيسية للدخل بالنسبة للجزيرة، فهي تتمتع بمناخ ملائم، وبها الشواطئ الجذابة والهندسة المعمارية الاستعمارية والتاريخ الثقافي المتميز،. وفي هذا الصدد أشار الى المشروع الاستثماري المرتقب في الجزيرة من قبل شركة الديار القطرية لبناء فندق ضخم بالعاصمة.
وقال أن الدولة لديها اهتمام كذلك في مجال الخدمات الجوية، وهنا أشار الى الزيارات المتواصلة لشركة الخطوط الجوية القطرية الى كوبا لتغطية هذه الحاجة في الجزيرة.
كما تطرق السفير الى الجانب الرياضي وأن هناك تعاون نشط بين الطرفين في هذا المجال، على أساس الاتفاقيات المبرمة بين الوزارة القطرية للشباب والرياضة السابقة واللجنة القطرية الأولمبية من جهة، والمعهد الوطني الكوبي للتربية البدنية والرياضة. وقال انه من جهة أخرى تم التعاقد على خدمات مدربين كوبيين لكرة الطائرة عملوا في الدوحة لفترة ما، وأن هناك آفاق جديدة في هذا المجال. وقال ان الدولة تتطلع الى زيادة هذه النشاطات الرياضية ومشاركة الرياضيين الكوبيين المميزين بها.
وفي المجال العلمي والثقافي ذكر أن هناك اتفاقيتين أيضا في كل من المجال العلمي والمجال الثقافي تتجدد الأولى تلقائيا كل خمس سنوات - ويكملها برنامج تنفيذي-، والثانية كل ثلاث سنوات، وقد تم وما زال يتم من خلالهما تبادل مثمر وثري بين الطرفين شمل المشاركة الكوبية في فعاليات ثقافية كثيرة في الدوحة ومشاركة الفنون التقليدية والحديثة القطرية في فعاليات ومهرجانات ثقافية بكوبا، وكذلك مشاركة وفود كوبية في مؤتمرات WISE بالدوحة.
وتقوم السفارة بالمشاركة ورعاية فعاليات ثقافية شتى، مثل مهرجان السينما سانتياغو الفاريس السنوي بسالنتياغو دي كوبا، والمهرجان الموسيقي الدولي لأصوات الكاونترتينور، الذي تنظمه مؤسسة ليو بروير الثقافية.
وأشار الى نقطة مهمة، وهي تناول الإعلام الكوبي للشأن القطري، حيث قال ان الإعلام الكوبي عادة ما يعكس النهضة الاقتصادية القطرية والتحضيرات والاستعدادات للمونديال 2022 والحركة العمرانية العملاقة التي تجري في الدوحة لاستقبال هذا الحدث العظيم.
من جهة اخرى كانت هنالك تغطية اعلامية كافية ومكتملة للزيارة التاريخية لصاحب السمو الامير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الى كوبا، واعتبرها الاعلام خطوة مهمة في طريق دعم العلاقات الثنائية بين البلدين وتقريب وجهات النظر وتعزيز الانسجام بينهما في مواقفهما من القضايا الدولية.
وفي الوقت الراهن تقوم وسائل الاعلام الكوبية بتغطية واسعة لنشاطات البعثة وتتبع اخبارها، وبثها ليتسنى للكوبيين التعرف على واقع الدولة واحداثها وثقافتها ورؤيتها.
وفي الختام أشار سعادة السفير الى المقترحات التي ترغب السفارة في تنفيذها مع المعهد الكوبي للصداقة مع الشعوب، والتي تمثل فعالية اليوم جزء منها، وهي تقديم دعوة من المعهد لزيارة وفد قطري للتعرف على أعمال المعهد وعلى كوبا بشكل عام، وتنسيق زيارات الى مؤسسات سياسية واقتصادية واجتماعية.
كما قال أنه قد تم الاتفاق بين السفارة والمعهد على تقديم دعوة الى مدير المعهد لزيارة دولة قطر بغرض التعرف عليها من كثب، وعقد لقاءات مع مسؤولين قطريين بغرض تقوية العلاقات الثنائية وللتقريب بين الشعبين القطري والكوبي.