بسم الله الرحمن الرحيم
أصحاب الفخامة والمعالي والسعادة،
السيدات والسادة،
ارحب بكم جميعاً في منتدى الدوحة الثامن عشر الذي سيتناول عدداً من من أهم القضايا الاقتصادية والاجتماعية والتحديات السياسية في عالمنا اليوم.
الحضور الكرام،
أطلق سموالأمير الوالد منتدى الدوحة في العام 2000 بوصفه منصة حوار عالمية في مطلع الألفية الجديدة حين بشرت الأمم المتحدة بمبادئ عهد جديد من التعاون الأممي توافق عليها المجتمع الدولي، فبعد نهاية الحرب الباردة واستنتاجات العالم من المذابح في رواندا وبورندي والبلقان بدأ انه سينشأ نظام للأمن الدولي يمكن أيضاً من التعاون الذي تضافر فيه الجهود لايجاد الحلول للتحديات المختلفة في مجالات التعليم والصحة والتنمية. ولكن توالت التحديات والأزمات في العالم من أحداث 11 سبتمبر وانتشار ظاهرة الارهاب والعنف والتطرف الى الأزمة العالمية لأسواق المال وظاهرة التغير المناخي والإحتباس الحراري. وانتقلنا من الحديث عن المواطنة العالمية الى القلق من تسييس إرهاب الأجانب عبر الحركات الشعبوية التي تحشد الجمهور على أساس الانتماءات الإثنية القطرية والدينية والطائفية، كما انتقلنا من التفاؤل بعولمة الأسواق وإلغاء الحدود الى التعامل مع السياسات الإقتصادية الحمائية.
لقد عادت النزعات الإقصائية والشمولية تجتاح عالمنا وأنتجت أنظمة لا تعترف بأبسط حقوق الإنسان.
وتتضاعف جسامة هذه التحديات أمام ما يكتنف النظام الدولي الراهن من التجاذبات السياسية المتصاعدة ذات الأثر السلبي على التعاون الدولي والإنتقائية في معالجة بعض القضايا واللجؤ أحياناً الى استخدام القوة وتنامي العنصرية بكافة أشكالها. وفي هذا السياق فإن القمع والاستبداد وازدواجية المعايير التي تفرغ مبادئ العدالة من مضمونها، وانتهاك حقوق الانسان وحرياته الأساسية أصبحت تمثل تهديداً للإنسانية أو ما يمكن تسميته بالأمن الإنساني. فالاستقرار لا يجوز أن يقوم على القمع والظلم مثلما أن السلم الحقيقي هو القائم على العدل لا على الإحتلال. كما أن المفهوم الضيق للأمن يشكل خطراً على الأمن ذاته، لأن انعدام الأمن الإنساني يعود فيهدد الأمن والإستقرار بفهومهما الضيق. ومثلما ليس من الممكن تحقيق تنمية اقتصادية على المدى البعيد بدون التنمية البشرية، كذلك من الضروري تحقيق الأمن بكافة ابعاده الاقتصادية والسياسية والبيئية والمجتمعية.
بالنسبة لنا ليست هذه مقولات نظرية، فلنا في منطقة الشرق الأوسط نصيب من التحديات والأزمات، فمن القضية الفلسطينية والصراع الإسرائيلي الى الحرب في العراق الى الانتفاضات العربية التي اطلق عليها تسمية الربيع العربي، ومن مشكلات الهجرة والبطالة الى قضايا الأمن المجتمعي والأمن الغذائي وغيرها من التحديات.
في خضم هذه التحديات والأزمات ثبت أنه لم يكتب النجاح لأية حلول من خارج مجموعة القيم الجامعة التي توصلت اليها الانسانية بعد الحرب العالمية الثانية من جهة وبعد معارك التحرر من الاستعمار من جهة اخرى. وهي القيم التي لا يجوز أن تتغير بتغير الظروف والأوقات. وقد صيغت هذه القيم الجامعة في مواثيق الأمم المتحدة ومبادءها والهادفة الى حفظ الأمن والسلام والدوليين واللجؤ الى الحوار والوسائل السلمية لحل المنازعات ورفض ضم أراضي الغير بالقوة، وحق تقرير المصير للشعوب، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، ورفض كافة أشكال العنصرية والتمييز، واحترام حقوق الإنسان والمواطن والتمسك بقيم العدالة والمساواة ونبذ التطرف والإرهاب وتعزيز التعايش السلمي والتعاون الدولي.
لفد فات عرّابي وأصحاب التفكير الإقصائي الضيق الأفق أن التطور التكنولوجي والفضاء الإلكتروني المفتوح جعل من الصعب احتكار الكلمة وتكميم الأفواه.
وإيماناً منا بأهمية الكلمة وضرورة الحوار وحتمية التنوع فقد حرصنا كل الحرص على إبقاء منابر الحوار ومنصات التواصل فعالة ومفتوحة لتبادل الآراء في بيئة حرة للجميع على إختلاف انتماءاتهم ورؤاهم السياسية، ومنتداكم هذا هو مثال على ذلك.
الحوار هو الذي يجسر الهوة بين الفرقاء، مهما أشتدت الخلافات وهو نقطة الإبتداء ونقطة الإنتهاء في هذا الزمن الصعب.
وينطبق على ذلك أزمة الخليج المتمثلة بحصار بلادنا والتي لم يتغير موقفنا في حلها برفع الحصار وحل الخلافات بالحوار القائم على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول. فمسألة التعايش وحسن الجوار بين الدول منفصلة عن أية قضايا.
السيدات والسادة،
إن لديكم جدول أعمال على جانب من الثراء والشمول، في ظل التحديات التي تواجه المجتمع الدولي.
آمل ان تسهم أعمال هذا المنتدى في بلورة الرؤية بشأن كيفية التعامل مع القضايا والموضوعات المهمة المطروحة للنقاش فيه.
أكرر ترحيبي بكم في الدوحة متمنياً لكم طيب الإقامة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.